كم مرة في اليوم تقوم بغسل يديك بالصابون لمنع انتشار فيروس كوفيد-19، وتتمتع في الوقت نفسه بالحق في الوصول إلى مياه عذبة نظيفة وجارية؟ يتيح لنا يوم المياه العالمي، الذي يتم الاحتفال به في 22 مارس، لحظة للتفكير في أهمية هذا العنصر الكلاسيكي، ليس فقط من ناحية التأثيرات على الصحة الشخصية ذات الصلة، ولكن أيضًا من ناحية ثانية أكبر وأشمل تهتم بمدى تأثير الماء على السلام العالمي.
من السهل جدا تحديد تلك الحدود الفاصلة بين المياه الآمنة والنظافة الجيدة، وقد جاءت جائحة فيروس كوفيد-19 فقط لتؤكد على ضرورة حق حصول جميع الناس على المياه العذبة.
رغم إن شرب الماء ضروري للحياة، إلا إنه لا يزال يعيش واحد من كل ثلاثة أشخاص بدون مياه صالحة للشرب حتى يومنا هذا، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. تظهر بيانات الأمم المتحدة أن 2.2 مليار شخص يعيشون دون الحصول على المياه الصالحة للشرب. ويؤدي عدم كفاية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب إلى الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، بما في ذلك الكوليرا، والتيفوئيد، وسوء التغذية، والفقر.
عندما تفتقر المجتمعات والدول إلى الوصول إلى المياه، يمكن أن يؤدي الطلب على الموارد الشحيحة إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وفي الحالات الأشد للصراع العنيف، سواء داخل البلد أو فيما بين الدول.
لن يؤدي النمو السكاني وتغير المناخ والتدهور البيئي إلا إلى تفاقم مشكلة ندرة المياه. وتقدر الأمم المتحدة أن الطلب على المياه سيرتفع بأكثر من 50٪ بحلول عام 2040.
في الواقع، كان القادة الدوليون يحذرون من المياه كقضية أمنية ملحة منذ عقود.
في عام 1985، حذر الدبلوماسي المصري والأمين العام للأمم المتحدة لاحقًا بطرس بطرس غالي من أن "الحرب القادمة في الشرق الأوسط ستدور حول المياه لا السياسة".
بعد أكثر من 15 عامًا، توقع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان أن "المنافسة الشرسة على المياه العذبة قد تصبح مصدرًا للنزاع والحروب في المستقبل." وقد كانت كلماتهم كلها بصيرة وحكمة مستقبلية. ففي السنوات الأخيرة، اندلعت الخلافات حول حوض النيل في أفريقيا، وحوض الفرات ودجلة في الشرق الأوسط، وحوض نهر الميكونغ في جنوب شرق آسيا على الماء.
علما بأن ندرة المياه هي أيضًا نقطة خلاف في اليمن والصومال وبوليفيا والهند والعديد من البلدان الأخرى.
وقد صُمم مصطلح "الصراع على المياه" حتى لوصف الصراع بين المجموعات أو الدول أو البلدان حول الحق في الوصول إلى الموارد المائية.
الخبر السار هو أن الماء في حد ذاته لا يسبب الصراع. إذ تظهر الأبحاث أنه من خلال الحكم الرشيد والإدارة، من الممكن تجنب الصراع على المياه. كما إن هذه النقطة تسلط الضوء على الحاجة إلى التعاون الدولي والتوزيع العادل والوصول إلى الموارد الأساسية وتوحيد الجهود لمكافحة تغير المناخ.
لا يجب أن يكون الصراع على المياه هو المستقبل. في الواقع، يمكننا أن ننظر إلى الماضي للحصول على إرشادات. المعاهدات الدولية للمياه يعود تاريخها إلى 2500 قبل الميلاد! وتشمل التكرارات الأكثر حداثة معاهدة مياه نهر السند بين الهند وباكستان، واتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية التي صادقت عليها 35 دولة في عام 1997، والاتفاقية الأفريقية للحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية الموقعة في عام 1968. هذه الأمثلة تظهر أن المياه، على الرغم من ندرتها، لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون نقطة انعطاف للعنف. بدلاً من ذلك، يمكن للجهود الموحدة لتعزيز التنمية الخضراء وحماية البيئة، إلى جانب الحل السلمي للنزاعات من خلال الحوار والتفاوض في الهيئات الحكومية الدولية، ضمانا لحصول الجميع على مياه نظيفة وآمنة.
Comments